مؤلفات اعضاء الجمعية
كيف تكون معلماً محترفاً؟
د. منير راشد فيصل الفرطوسيّ
المقدمة
لم يعدّ دور المعلم مجرد ناقل للمعرفة, بل أصبح دورًا يتطلب ممارسة القيادة التعليمية وبناء الشخصية الإنسانية السوية، القادرة على العيش في أجواء التدفق المعرفيّ والتطور التقنيّ، والتعامل مع عوامل التغيير الداخلية والخارجية سواء كانت تربوية أم علمية وتقنية, أم نفسية, أم أخلاقية, أم اجتماعية .
لكن وللأسف الشديد ما زلنا نلحظ أنّ مستوى المعلمين لا يتجاوز مستوى المعلم النمطي العادي التقليدي، يبذلون أقل القليل ولا يتخطون أبدًا الحد الاعتيادي المطلوب، ويؤدون المطلوب منهم فقط.
وقد آن الأوان لتصبح الحاجة ملحة أكثر من أي وقت مضى إلى التفكير بنحوٍ أكثر عمقاً في الصورة التي ينبغي أن يكون عليها التعلُّم الاحترافي والأساليب الاحترافية في التدريس لاسيما للجيل الجديد من المعلمين، الذين سيشكلون ملامح التعلم في العقود المقبلة, لأنَّ التدريس اليوم عمل متزايد التعقيد، ويتطلب أداؤه بنحوٍ جيد أعلى مستويات الممارسة المهنية الاحترافية, لأنَّه قاطرة التغيير في مجتمع المعرفة المعاصر.
وإن الاتجاه الجديد في التدريس لاسيما التدريس الاحترافي هو أن يأتي المعلم بشيءٍ مختلفٍ عن المألوف، يبعث على المتعة، ويجلب الانتباه في جو نفسي يبعث على الراحة والاطمئنان، وهذا ما يمكن أن يحققه المعلم المحترف الذي يعرف طريقه إلى النجاح، ويستطيع أن يحدث تقدمًا مضطردًا عند طلبته على اختلاف مستوياتهم في الذكاء والتحصيل، كل بما عنده من قدرات وطاقات.
وتأسيسًا على ما مضى فأن فكرة هذا المؤَلف انبثقت من الدورات التدريبية التي أقامها المؤلف لعددٍ من معلمي ومعلمات المدارس الابتدائية في العراق لاسيما المدارس الأهلية التي كان لها اهتمامات في تنمية الابداع وتدريب وتأهيل ملاكها التعليمي بنحو سنوي مستمر، إلا أن المؤلف لاحظ رغم كل تلك الدورات التي يدخلها المعلمون في تلك المدارس ما زالوا يعانون من ضعف في قدرتهم على حل المشاكل التي تواجههم داخل غرفة الصف، لذا وزع لهم المؤلف في أثناء الدورات التدريبية قصاصات ورقية كي يسجلوا فيها المشاكل التي عجزوا عن معالجتها والتعامل معها داخل الصف، ونظم تلك المشاكل وصنفها في هذا المؤَلف الذي أطلق عليه: كيف تكون معلمًا محترفًا؟ منطلقًا من مشكلة أثارة تساؤله وهي (إذا كان المعلمون الذي يدخلون في دورات تدريبية بنحوٍ مستمر، ويدرّسون برامج اثرائية مختصة بتنمية الابداع فضلاً عن المقررات المدرسية لا يتمكنون من معالجة المشاكل الصفية، إذاً كيف بالمعلمين الذين لم يخضعوا إلى أي تدريب؟!).
لذا شعر المؤلف بضرورة أن يتم العمل على ايصال المعلمين إلى مرحلة الاحترافية في التعامل مع المشاكل الصفية، وإدارة الصف بطريقة احترافية، وهذا ما حرصنا على تحقيقه في هذا المؤَلف.